صلاح الفاخرى

عن حكم الفرد

احد الأصدقاء المؤمنين بقاعدة "لا تصح الامامة الا لقحصي"(اسرة لخ القايد لمن لا يعرف القحوص) قال ما معناه (نحن جربنا حكم لخ القايد وجربنا الديموقراطية ووجدنا الاول احسن). هذه طبعًا مغالطة ضخمة لان ما جربناه هو التدمير التام على مدى 42 عاما لكل مؤسسات الدولة واخلاقيات المجتمع لان تحويل البلاد الى مزرعة دواجن ضخمة كان السبيل الوحيد لتحويل مهرج مضحك كالاخ القايد الى الصقر الوحيد. وما نجربه الان ليس الديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون بل مرحلة انتقالية مليئة ككل المراحل الانتقالية في تاريخ الشعوب بالاخطاء والتخبط وعدم الاستقرار. حتى الدول العظمى مثل روسيا ما زالت تتخبط 30 عاما بعد التخلص من نظام لم يكن بسوء نظام لخ القايد.

هناك الان خياران امام الشعب الليبي وقادته: اما ان يستمعوا الى من يقول لهم انهم كالدواجن لا يصلح بهم الا جزار (قحصي او غيره) ويرجعوا الى التارجح بين حكم الجزار وفوضي القطيع او يمضوا قدما في الدرب الشاق الي حل دائم لمشكلة كيف نحكم انفسنا لانه لا مناص من ذلك وكل ما اجلنا العمل على تحقيق ذلك كلما زاد تعقيد المشكلة وصعوبة الوصول الى حل.

من يطلب منا الان نسيان الماضي والترحم على الجزار الذي لم يرحم حتى اقرب أقربائه في سبيل الاستمرار في امتطاء ظهورنا لا يفعل ذلك من باب التسامح او لم الشمل ولكن ليهيئ ضحايا الجزار السابق لتقبل جزار اخر لانه هناك كثيرون لا يعرفون وسيلة للعيش سوى اللقافة والبصاصة وتقبيل ذيل السلطان (رغم كل مظاهر التقوى والوطنية والتسامح التي هبطت عليهم فجأة). لكننا نعرف ان الرجوع الى سلطة الفرد لن يحل مشاكلنا كما لم يحل مشاكل مصر وسوريا وحتى روسيا وتركيا والمجر التي عادت كلها الى انظمة الصقر الوحيد. الحل الوحيد هو ان نلح على قياداتنا للتركيز على بناء مؤسسات الدولة العصرية وبنيتها التحتية و اسواق مالها ومتطلبات التنمية والاستثمار بدلا من العنتريات وتغذية النزعات الجهوية والقبلية والطائفية، والشماتة في حالنا لما يفقدون السلطة، والشعارات الفارغة المصممة لدغدغة اخس نزعات النفس البشرية. واذا لم يفعلوا فيجب ان نغيرهم حتى نجد من يقوم بالمهمة. فنحن لسنا مدينون لاحد بالسمع والطاعة الا إذا أدوا واجبهم باخلاص وكفاءة. ولهم عبرة في مصير الجزار السابق.