صلاح الفاخرى

كتاب غاية الطرب في معرفة حال العرب

الفصل الاول #1

يحكى ان كبير لصوص فاس ومكناس نزل ضيفًا على امير اللصوص واللص الاول في مراكش وضواحيها. وبعد ان اكلا وشربا مما بجهد جهيد كانا قد سرقا تنحنح كبير اللصوص وكان رجلًا نحيلًا غائر الصدغين جاحظ العينيين لكنه ذو فطنة وكياسة وشرع في القول "الحمدلله الذي جعل لكل صاحب صرةٍ هفوة ولكل شرطي غفوة، والصلاة والسلام على نبينا وشفيعنا يوم نحشر بدون بلغة أو كسوة. بلغني يا جناب اللص الاول وفخامة السارق المعلم ان حرفتنا لم تعد مقتصرة على سرقة الحمير ونشل دراهم الفقير. فنُظَرَاءُنا الساعة في كل عواصم العرب يجلسون مرفهين منعمين في محلات يسمونها بورصات وبنوكا ودور صرافة وشركات عقار واستثمار، يسمون انفسهم رجال اعمال رغم انهم لايعملون شيئًا سوى التحادث على النقال فيما بينهم واستعراض مركوبهم وحللهم. وبلغني انهم بدلا من التظاهر بالموت او تسور حيطان البيوت كما نفعل نحن يجلسون في محلهم فيأتيهم الناس ويفرغون جيوبهم امامهم طواعية وبعلمهم. وفي مقابل كل ذلك الكنز يعطونهم بضائع صينية او صكوكا ورقية لا تساوي ضرطة عنز. ثم انهم يسجلون كل ذلك المال والعقار بأسماء ولدهم او يخزنونه عند لصوص اعظم شأنًا منهم في لندن وجنيف وقطر لينأوا به عن الانتربول ومقتفي الاثر. فجمعوا على نحو ذلك ثروات تجاوز الاحصاء ودونما ان يطولهم قطع يد او إخصاء."

فلما سمع اللص الاول ذلك الكلام اعتدل في مجلسه وقال …

للحديث بقية ان شاء الله