صلاح الفاخرى

متلازمة ستوكهولم

عندما قرر جان ايرك لوسون نهب بنك في عز النهار في العاصمة السويدية ستوكهولم لم يكن فى حسابه انه سيتحدث مرتين مع رئيس الوزارء قبل نهاية الاسبوع ويصبح بطل افلام وروايات كثيرة. السبب انه لما حاصرته الشرطة قرر احتجاز موظفي البنك كرهائن مهددًا بقتلهم اذا لم يسمح له بمغادرة البنك بغنيمته. وسرعان ما اقنع بعض الرهائن بان التعاون معه هو طريقهم الوحيد للنجاة لدرجة ان احدى الرهائن دافعت عنه في وجه "تعنت" الشرطة والتي اصبحت تعتقد انها الخطر الحقيقي على حياة الرهائن. الاغرب ان تلك الرهينة استمرت في الدفاع عن اللص في مقابلات صحفية حتى بعد ان حررتهم الشرطة دون ان يصاب احد بأذى. ومنذ ذلك الوقت والأطباء النفسيون يسمون مثل هذه الحالة متلازمة ستوكهولم (Stockholm Syndrome ).

بعض الأطباء هنا سيتذكرون نساء يدافعن الى الموت (حرفيًا) عن رجال اذاقوهن العذاب جسديًا وعاطفيا. وفي الغرب المتلازمة شائعة بين النساء لانهن عادة ضحايا العنف الرجالي ولكنها ليست حكرًا عليهن. ورغم ندرة الدراسات انا اعتقد أنها أيضا شائعة فى الدول العربية نتيجة العنف الممنهج الذي يتعرض له الرجال والنساء على حد سواء. و كما حدث مع ضحايا لوسون، الضحية قد تستمر في حب المعتدي حتى بعد التخلص منه ويبدو ان السبب في ذلك ان بعض الناس يشعرون بالعار من ضعفهم في مواجهة المعتدي فيقلبون ذلك الضعف الى شعور بالحب (حبي الغامر له هو سبب قبولي لعدوانيته وليس ضعفي). وكأي مرض نفسي مزمن العلاج ليس سهلًا ويتطلب الكثير من الصبر والمهارة من طرف معالج ماهر. ولكن اخر شئ يتوجب فعله هو محاورة الضحية بإستخدام أدلة عقلية. فالمشكلة ليست نقص معلومات فالضحية يدرك انه تضرر من العلاقة او على الاقل لم يستفد شيئًا لكنه لا يستطيع تخيل واقع اخر مختلف او يؤمن في قراره نفسه بانه لا يستحق أفضل من المعاملة التي لقيها.