صلاح الفاخرى

عن كيد النساء واليمين الاوربي المتطرف

خلال دراستي في جامعة العرب الطبية سكنت لعدة سنوات في عمارة بشعبية بوهديمة حيث كان أحد الجيران معروفًا بضيق باله وعدوانيته وبحبه الشديد للعرايك. لكنني لم ارى منه سوى الكرم وطيبة القلب وحسن الجوار. وفي يوم سمعته يقول لزوجته على عتبة بيتهم مواسيا بلطف "عويل ويتعاركوا وفي العشية يعاودوا يلعبوا مع بعضهم". لكن زوجته اصرت على ان يذهب الى بيت الجيران ويعطي الجار طريحة لكى لا "يستقصروا حيطنا". ولما رفض ذلك الاقتراح قالت له معزرةً "ما لو كان يحسابوا عندى راجل راهو ما ضربوا ولدي". ولم تمضي لحظات قليلة الا وسمعته يكيل اللكمات لاحد الجيران صارخًا باعلى صوته " شنو تحسابني ما نيش راجل"!

(وطبعًا كل من اخبرته بهذه القصة تنحنح وقال محرفًا الاية القرانية "ان كيدهن لعظيم" بدلًا من القول مثلًا "ان غباءهم لعظيم" او اذا تحرينا الدقة "تلك المرأة تعلمت كيف تحول زوجها الى طوربيد تطلقه متى شاءت على كل من شاء سوء حظه ان يكون متزوجا من احدى عدواتها")

اتذكر هذه القصة كلما احرق يميني متطرف نسخة من القرآن الكريم في دولة في اوربا او اميركا لتخرج المسيرات الغاضبة (وأحيانًا المميتة) في كل انحاء العالم الإسلامي مطالبة بمقاطعة تلك الدولة وليدعو الشيوخ والقادة و"المثقفون" الى نصرة القران والانتقام من الفعلة ومقاطعة الاجبان وليقوم شاب متهور بعملية "استشهادية" يموت فيها ابرياء لا علاقة لهم على الاطلاق بحارق نسخة القرآن.

وهكذا تعلم العنصريون اليمنيون المتطرفون المعادون للمهاجرين الي بلدانهم وخاصة من الدول الإسلامية كيف يحركون الشارع الإسلامي من ادناه الى أقصاه كلما شاؤوا ان يصرفوا الانظار عن إحدى فضائحهم او يفشلوا مشاريع قوانين لا يحبذونها او يحركوا قاعدتهم الشعبية خلال الانتخابات. و تعلم الشيوخ وقادة المسلمين أن يلهبوا نيران غضب العامة على "المسيحيين الحاقدين " ليصرفوا الأنظار عن سرقاتهم وفشلهم فى حل مشاكل المسلمين الحقيقية وليظهروا بمظهر المسلم الغيور على القران وليظهروا كل من يدعو الى التعقل والحكمة بمظهر الخائن العلماني مثبتين صحة المثل الليبي "إللي يديرها الذيب ما يكرهاش الكلب".

وبعد موت الأبرياء وضياع الاملاك والأرزاق والتضييق على المسلمين المقيمين في الغرب ينسى الجميع الموضوع الى حين يقرر حزب يميني اخر (او بوتين اذا ما اراد الضغط على اردوغان لمنع السويد من الالتحاق بالناتو) انه حان الوقت لتحريك الشارع الإسلامي من جديد.

فعلا "ان كيدهن لعظيم". اقصد الأحزاب اليمينية واجهزة الاستخبارات والقيادات الاسلامية.