صلاح الفاخرى

عن العفاريت

في بلدٍ ملئ حتى الحافة بالأشياء المخيفة والناس المرعبين، لِم نخترع أسبابًا اخرى للخوف مثل العفاريت؟ أعتقد لان العفاريت هي رمز (metaphor) لكل تلك المخاطر التي قد تظهر بشكلٍ مفاجئ من مصدر غير مرئي لتقصف اعمارنا في إي لحظة. وفقًا لهذا التفسير فان الخوف من العفاريت تَطَوَرَ كوسيلة لتجنب الموت على يد المواطنين السكارى الذين يقودون سيارتهم بدون أضواء في العتمة او رجال الشرطة السكارى الذين يقفون على قارعة الطريق في بوابات تفتيش مرتجلة في العتمة. فأي شيءٍ يجعلك تكمن في بيتك فى ليبيا بمجرد هبوط الظلام لا يمكن الا ان يضيف سنوات لعمرك الافتراضي.

وهذه النظرية تفسر لماذا لا تظهر العفاريت الا في الظلام وفي الأماكن المعزولة ولماذا تستهدف النساء والاطفال والمتوحدين ولماذا مثل اب حنون تكتفي بارهابنا بدلًا من ايقاع العنف الجسدي بنا. فالعفريتة في مجتمعنا عضو فعال في المؤسسة التعليمية وعلى عكس مدرسينا دائما في الخدمة ولا تتغيب عن العمل لحضور مناسبة او لان الحافلة لم تأتي ذلك الصباح. لذا فإنه من المؤسف اننا فشلنا في توظيفها ضد أخطر اعدائنا الحاليين مثل التدخين وتعاطي المخدرات والسمنة وارتفاع الكولسترول.

وانا أتوقع ان أحدهم سوف يؤكد ان العفريتة حقيقية وأنه شاهدها في أكثر من مناسبة تتجول بين فصول المدرسة وتتقاضى مرتبها من المصرف كأي مُعلمة اخرى. لكن دعني أؤكد لكم أنه لسوء الحظ لا توجد عفاريت لأنني حاولت بكل الطرق ان أجد واحدة ولم افلح. ولماذا احاول ذلك؟ لأن من يجد واحدة سيحصل على جائزة نوبل للفيزياء لإنه سيكون قد أكتشف مادة جديدة تعكس موجات الضوء المنظور (لترى عفريتة يجب ان تكون مصنوعة من مادة تعكس الضوء الى عينيك) ولكنها تستطيع في نفس الوقت ان تمر خلال الجدران وان تظهر وتختفي بدون اثر (وهذا مستحيل لكل المواد المعروفة للعلم). تذكر ذلك في المرة القادمة التى ترى فيها عفريتة فقد تصبح أول ليبي يحصل على جائزة نوبل في إي شيءٍ. وبالمناسبة، اعتمادنا على العفاريت في التعليم هو اكبر ضمان أنَّ أحدًا منا لن يحصل على جائزة نوبل في إي شيءٍ.

مستوحى من مقالة نشرتها بالأمس طبيبة عن التقائها بأكثر من عفريتة خلال مناوبتها الليلية!

إضافة: يبدو ان العفاريت لها شعبية اكبر بكثير مما تخيلت.