صلاح الفاخرى

عن العمل الجماعي

يقال انه كلما اجتمع ثلاثة يهود اسسوا بنكا وكلما اجتمع ثلاثة طليان فتحوا مطعما وكلما اجتمع ثلاثة اسبان بنوا فندقا وكلما اجتمع ثلاثة المان احتلوا بولندا وكلما اجتمع ثلاثة ليبيون طلعوا بتسعة اراء وانتقدوها كلها وزعلوا من بعض وقالوا "والله ما هو صاير منها" وتمنوا عودة الاستعمار والفيدرالية ولخ القايد والمهدي المنتظر ليكفيهم شر محاولة التعايش مع بعض.

فنحن اصحاب المقولات الخالدة "العب بروحك ما تشك" و "كل واحد يدف ف النار لخبزته" و "اللي ما ياكل بيده ما يشبع". وهي كلها نصائح مفيدة عندما كان كل منا يعيش على تلٍ في فم وادٍ منعزل. لكن الاقدار شاءت ان تجمعنا في مدن وقرى مصممة وفق افكار مستوردة من شعوب تتقن العمل الجماعي بالرغم من ان العمل الجماعي الوحيد الذي نتقنه هو عملية "خمسة خمسة". تلك الكلمة السحرية التي تحول في ثوان مئات الليبيين المتنافرين الى حلقات بشرية دقيقة الابعاد في وسطها فقط المساحة المطلوبة لقصعة واحدة وبينها فقط ما يكفي لمرور حاملي تلك القصعة في سيمفونية متناغمة جديرة بالعرض في حفل افتتاح اولمبياد في الصين.

فنصيحتي : الى ان ينفد البترول ويعود كل منا الى واديه المنعزل يجب ان نلاحظ ان التعاون مع الاخرين لا يتطلب ان نحبهم او حتى ان نعرفهم. كل ما يتطلبه الامر هو ان نلعب جميعًا وفق قواعد اللعبة كما نفعل في مناورة "خمسة خمسة" وان يتفق وجهاؤنا على ان من يخالف قواعد اللعبة ينام بدون عشاء بدلًا من ان يحصل على قصعة كاملة لنفسه حتى لو كان مدججا بالسلاح والنياشين الى قمة رأسه. واذا لم يتفقوا فيجب على الاقل ان يعترفوا لنا بانهم لا يستطيعون الانتظار للعودة الى اوديتهم المنعزلة حيث ما زالت تعيش عقولهم حتي وان كانت اجسادهم معنا.