صلاح الفاخرى

عن الدماغ

عن الدماغ

هذا دماغك. هذا انت‪.‬ بقية بدنك ليس سوى سقالة ومحركات ومضخات وصمامات ومصفيات ومخازن. في هذه الكتلة الضئيلة من الاعصاب والدهون تكمن كل ذكرياتك وعواطفك وطموحاتك ومخاوفك. به تحب وبه تكره‪,‬ وبه تخشع وبه تطغى. هذا متخذُ كل قرارتك ومصدر افكارك وعباراتك ومركز التحكم في كل ما يجري في جسمك من التنفس والهضم الى النمو والتكاثر.

تستطيع تدميره بالتبغ والخمور والحشيش والسُكر والخمول والقلق والارق وباستخدامه كسلاح للعراك واختبار قدرة كبش العيد على النطح. وتستطيع تنميته بالغذاء الصحي والرياضة والتأمل والقراءة والنقاش، وبتعلم الموسيقى واللغات والرياضيات والبرمجيات.

المشكلة ان الخيار ليس خيارك. فدماغك هو من يقرر اذا ما كنت ستذهب الى مقهى الشيشة او الى المكتبة، واذا ما كنت ستاكل سفرة حلويات شرقية او تخرج لتتمشى على الشاطئ. واذا كان دماغك قد شكلته التربية والبيئة والمجتمع ليفضل سفرة البقالاوا على المشي فلا بد من سفرة البقالاوا.

ولان تقنية التحكم في الافكار ما زالت في طفولتها وتثير الكثير من المخاوف عن احتمال استغلالها لاستعباد البشر (مباشرةً بدلا من الطرق الحالية) فليس هناك حالياً وسيلة لاقناع دماغك بتغيير اتجاهه (واتجاهك) سوى إمطاره بالمعطيات التى تجبره قليلاً ثم قليلاً على طرح العادات والافكار القديمة. ولا اعرف وسيلة لذلك سوى القراءة الجدية واحاطة نفسك بالاشخاص الايجابيين الطموحين في الواقع وفي العالم الافتراضي، وهجر كل من يصر على تغذية دماغك باليأس والغضب والاحباط والخرافات والافكار السطحية والمضللة.