صلاح الفاخرى

عن الحب #2

قيل عن الحب انه نار قد تدفئ قلبك او تحرقه وليس بمقدورك ان تعرف مقدمًا ماذا سيحصل. فالحب شعور مربك ومحير ونتائجه دائما يصعب توقعها. لكنني اعتقد ان جزءا كبيرا من المشكلة هو اننا عندما نسمع عبارة "احبك" لا نعرف عادةً ماذا يعني الطرف الاخر بها. وحتى عندما نقولها نحن، فكثيرًا ما لا نعرف ماذا نعني بها. لذلك فان السؤال الذي عادة ما يتبع اقرارنا بالحب "هل تقصد ما قلته؟" هو السؤال الخطأ، لاننا لنعرف ما اذا كنا نقصد شيئًا ما يجب ان نفهم اولا ما قلناه وذلك امر محفوف بالمصاعب.

ولغتنا العربية لا تساعدنا هنا لان كلمة (حب) حمالة معاني، ولربما لاجل ذلك توقفنا في ليبيا عن استخدامها بتاتا لتجنب سوء الفهم. ففي اللغة الإنجليزية مثلا هناك اصطلاح على إستخدام كلمة love لتعني الحب الرومانسي و كلمة like لتعني كل أنواع الحب الاخرى. لكن حتى ذلك لا يكفي. الاغريق القدامى المعروفون بحبهم للدقة في تحديد المفاهيم كان عندهم (على الاقل) ست كلمات:

ايروس eros تعني الحب الجسدي (ومنها اشتق الوصف erotic في اللغات الاوربية) واعتقد هذا ما نقصده في عامية برقه بكلمة "غيه".

فيليا philia تعنى الحب المجرد من الرغبات الجسدية كحب الصديق. ولذلك فان المحبوب لا يحتاج ان يكون انسانا كما في حب الحكمة (philosophy) او الودكسافيليا (Allodoxaphilia حب العناد).

ستورج storge تعني الحب الغريزي كحب الوالدين لاولادهم.

اقابي ágape الحب غير المحدود وغير المشروط كحب الله مثلا.

فيلاتويا philautia تعني حب الذات، واحبُ ان اعممها لوصف حب من يحبونك فقط لانك احببتهم (ما اسميه بالحب الانعكاسي).

زينيا xenia وتعنى الحب الصدقه (كحب الفقراء مثلا) او الحب الناتج عن الشفقة.

وعلى الفور نلاحظ كيف يمكن لكلمة (احبك) ان تقود الى سوء تفاهم فظيع. فنحن قد نصبو الى احبك من نوع اقابي (الحب اللا مشروط) لكن ما نحصل عليه قد يكون احبك من نوع ايروس او فيليا او الاسوأ زينيا او فيلاتويا.

وبالإضافة الى كل هذه الانواع هناك نوع اخر محلي من "الحب" اقترح تسميته "قرامبوس" (من اليونانية γαμπρός وتعني الخطيب) ويمكن تلخيصه في المقولة الشهيرة "انحبك يا منجوه. عندك اسبوع تجيب اهلك يخطبو ولا اقلب وجهك عني".

اعتقد ان الحياة ستكون اسهل بكثير لو عرف كل انسان نوع الحب الذي يريده فعلا وكتبه على جبهته او على الاقل قام باضافته بعد كل تلاوة لكلمة احبك، مثلا احبك من نوع قرامبوس فلا تضيع وقتي اذا لم يكن ذلك نوع حبك.