صلاح الفاخرى

عن الحمار (اجلكم الله)

في هذا اليوم العالمي للحمار (8 مايو) اردت ان اضيف صوتي الى الاصوات المدافعة عن الحمير. فانا اعتقد ان الحمار لا يستحق سمعته السائدة في اوساطنا والناتجة عن تحيزنا الكامل وغير المبرر للخيل. فكما تقول أحلام مستغانمي "من مذلة الحمار، صنع الحصانُ مجده."

فالحصان قد يفوق الحمار جمالا لكن الحمار لا يخلو من الحسن. فمثلا، اسنان الحمار احسن واكثر تناسقا من اسنان معظم البشر حتى صار يضرب بها المثل. قال جحظة البرمكي :

سَواسٍ كَأَسنانِ الحِمارِ فَلا تَرى --- لِذي شَيبَةٍ مِنهُم على ناشِئٍ فَضلا

وبالمناسبة، جحظة البرمكي يعد شاعر الحمير العرب بدون منازع لكثرة ما وردت في شعره. فهو القائل:

وَلا عَن رِضاً كانَ الحِمارُ مطيَّتي --- وَلكِنَّ مَن يَمشي سَيَرضى بِما رَكِب

والقائل: لا تَنكرنّي عَلى حمارٍ --- يَضيعُ في مِثلِهِ الشَعيرُ وَكَيفَ لا يَمتَطي حماراً --- من جُلَّ إِخوانِهِ حَميرُ

واكثر ما يعيبه الناس على الحمار هو طول اذنيه. فمن الامثال الالمانية "وإن أخفيت ذنب الحمار تظهر لك دوما أذنيه". ولكن هذه ميزة جعلته يقظا للاخطار وصديقا للرعاة وخاصة ان الحمار يدافع عن الرعاة ومواشيهم ضد الذئاب بينما تفر الخيول عند اول بادرة خطر.

ولا ادري لماذا نصف الحمار بالغباء. ربما نتيجة صبره على المكاره (حتى انه يُدعى ابا صابر) والناس كثيرا ما يخلطون بين الصبر والغباء. او ربما لانه عنيد يفعل ما يشاء رغب الضرب والتعذيب ولكن العناد قد يكون عملا بطوليا وخاصة تحت طائلة التعذيب في الشرق الاوسط (حيث لا يتجاوز متوسط عمر الحمار سبع سنوات مقارنة باربعين عاما في الدول الغربية). وكل من عاشر الحمير يعرف ان الشتم والتعنيف لا يجدي وغالبا ما يؤدي الى الخصومات والتنابز بالالقاب. فكما قال أحمد مطر:

قال الصبي للحمار: ( يا غبي ). قال الحمار للصبي: ( يا عربي ) !

وانا لست اول عربي يطالب برفع الضيم عن الحمير. فقد طالب محمود درويش بتحسين صورة الحمار عندما قال:

على صورة العلم الوطني ستحسن صنعاً لو اخترت يا شعبي الحيّ رمز الحمار البسيط

وهي نصيحة عمل بها الحزب الديمقراطي الامريكي الذي يرفع راية الحمار لاكثر من قرن ونصف القرن بدون اى تاثير سلبي علي ادائه الانتخابي، ربما لانه كما قال نابليون "الغباء في السياسة لا يعد اعاقةً".