صلاح الفاخرى

عن القوى العقلية

لا أدري لماذا نبدأ كل اقرارتنا المهمة بالقول “انا فلان الفلاني اعلن وانا بكامل قواى العقلية كذا وكذا". يا اخينا لو كان لدينا شك في قواك العقلية فان اخر ما سيغير راينا هو تاكيداتك بانك تمتلكها. فتعريف فقد القوى العقلية (الذهان psychosis) هو ان المصاب لا يدرك انه قد فقد قواه العقلية. لذا فان تاكيداتك لن تكون مقنعة من ناحية طبية الا اذا ارفقتها بتقرير حديث من طبيب نفسي معتمد.

ثم انه لا احد منا يمتلك قواه العقلية. في الواقع ان قوانا العقلية هي من تمتلكنا. والمحظوظ هو من رزقه الله عقلًا لا يدفعه كثيرا الى الخطأ والزلل لان كل العقول تخطئ وتزل. لذلك فانه من التسرع ان توكد انك تملك كل قواك العقلية عندما تعمل اى شيءٍ. والحكمة ان تترك الباب مفتوحًا للتراجع اذا اكتشفت لاحقا انك قد "فلمت" (كما يقول اخوتنا في درنه) واحتجت الى بلع كلامك السابق. فأنا شخصيًا لو اجبرت على وصف حالتي العقلية في اقرار فسوف اكتب "انا فلان اعلن وانا في حالة عقلية لا يعلم مدى صحتها الا الله وبناءً على تعليمات صادرة من كتلة الشحم والاعصاب التي أسميها دماغي في شكل نبضات كهربائية الي لساني كذا وكذا". المشكلة انك قد لا تصدق هذا الاقرار ولكنه في الواقع لا يختلف في مصداقيته إطلاقًا عن اقرار الـ"بكل كامل قواي العقلية".