صلاح الفاخرى

عن الشيوخ

ملحوظة #1 بخصوص بعض التعليقات التي تصف هذه المقالة بانها دعوة الى العلمانية

العلمانية توجهٌ يدعو الى تقليل دور الدين فى الحياة العامة وخاصة فى امور السياسة. لكن يبدو انها الان مجرد تهمة نلصقها بكل من ينتقد القيادات الدينية المعاصرة وحلولها وافكارها وكل من لا يتفق معنا بانه ليس بالامكان احسن مما كان. للاسف ما زلنا نحاول طمس كل فكر لا يتفق مع افكارنا تمام الاتفاق بتعليق يافطات علي عنق صاحبها مكتوب عليها علماني او رجعي او زنديق او عميل الخ ، وهي أوصاف مطاطية لا تعني شيئا اكثر من انك لا تحب ما اقوله ولذلك فلابد ان الا اكون مواطنًا ليبيًا مسلمًا مثلك.لكن كيل الاتهامات وتسكير الرأس لا يعني إنك مسلم وأثق من عقيدتك ومشروعك الحضارى. انه في الواقع علامة ضعف وانكفاء على الذات وانعدام القدرة على فهم دقائق الامور فكل كلام لا يبجل الرموز الدينية المعاصرة على نجاحاتها العظيمة لا يصدر الا عن علماني. ثبتت التهمة وقفل المحضر.

———————-

انا احترم شيوخ الدين والعلماء والأئمة والفقهاء والقضاة الشرعيين والمجتهدين والمفسرين والمحدثين والمراجع وحجج الإسلام العظمى والاعتيادية واطلب منهم بكل تواضع ان يكونوا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة. فمشاكلنا عويصة وتحتاج جهدًا كبيرا لحلها وليس بمقدورنا فعل ذلك بدونكم.

فمثلًا هل بمقدوركم ان تعينونا في البحث عن حلول لمشاكلنا الآن وهنا بدلا من ان توبيخنا وتعزيرنا وترهيبنا بسوء الخاتمة ونار جهنم خالدين فيها. لانه بعد بلايين الخطب والدروس عن الافران والافاعي والزقوم ما زلنا بؤساء ضايعين نموت بمئات الالاف نتيجة الحروب والصراعات والجرائم وحوادث العمل والسيارات ما زلنا رغم كل ثرواتنا ومواردنا نعتمد على غير المسلمين في كل شيءٍ من الاكل الى الدواء و مازلنا لا نعرف حتى كيف ندور حول جزيرة دوران او نوزع الفجل. الا يكفي كل ذلك ليقنعكم بعدم جدوى ذلك الاسلوب وبالحاجة الى أفكار جديدة؟

هل بمقدوركم ان تقترحوا أنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية تصلح بنا الان وهنا بدلا من تكرار نفس القصص عن عدالة عمر وقدرته الفائقة على التواجد في كل مكان عند الحاجة ومهارته في الضرب بالدرة. لان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يدير منطقة بحجم سلوق معظم ساكنيها من الصحابة والتابعين يعيشون على الماء والتمر. وبالرغم من ذلك، كل حنكته لم تمنع تدهور الامور بعد اغتياله الى صراعات مدمرة وحروب اهلية. الانظمة التي نحتاجها يجب ان تكون قادرة عل حل مشاكل القاهرة وبغداد وطرابلس الان وفي المستقبل وبدون الاعتماد على رجل تقي بعينه مهما كان بارعا في استخدام الدرة.

هل بمقدوركم ان تتوقفوا عن القول بان الاسلام دين كل زمان ومكان وان الحكمة ضالة المؤمن حتى اذا ما جاءكم احدهم بفكرة جديدة ثبت نجاحها في العالم كله صحتم به هذه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار او بالليبي "الحس كتفك وتعالى دقلي وشمة كان وافقتك على راي لم اسمعه من شيخي".

هل بمقدوركم ان تكفوا عن التحريم والتجريم بدون دراسة الاسباب والعواقب في هذا العالم المعقد والمتشابك؟ فاذا ما حرمتم مثلا خروج المرأة بدون محرم او قيادتها لسيارة قلتم لنا كيف ستوصل الأرملة أطفالها الي المدارس والمستشفيات وكيف ستحصل اليتيمة العزباء على رزق يومها. ولا تقولوا لنا من بيت مال المسلمين فى الدولة الاسلامية المثالية لان تلكم الدولة تظل سرابا بِقِيعَةٍ رغم مطاردتنا لها خلال القرون. وهل بمقدورنا ان نحاسبكم عندما تفشل آراؤكم او انكم سوف تلقون كل اللوم على النساء والمجتمع والعلمانيين والغرب؟

وأخيرا هل بمقدوركم ان تمنعوا من من لم يعمل منكم يومًا بيديه عن تمجيد العمل ومن لم يغادر منزله ابدا الا للجامع من الامر بالسعي في الارض ومن لم يتعلم في حياته شيئًا كتب بعد القرن الثاني الهجري من الحث على طلب العلم ومن يزن منكم قنطارا من اطراء الزهد ومن لا يستطيع ان يستمع لراي مخالف بدون غضب وتحقير من ذم الصلف والكبرياء. لإنه اذا اعجزكم ذلك وانتم أهل الدين والعلم فهل سوف يكون بوسعكم احداث اى تغيير حقيقي بين العامة؟ ام ان الوصفة ستكون كالعادة المزيد من التشليط بالدرة العمرية؟

الدرة العمرية حسب موقع إسلام اونلاين