صلاح الفاخرى

عن الاطفال

عن الاطفال

في بداية لقاء مع فنانة عربية لا اذكر الان اسمها طلبت منها المذيعة (الليبية) الحديث عن طفولتها المعذبة! الفنانة احتجت بشدة لانه على ما يبدو غير الليبيين لا يحبون ان نفترض ان طفولتهم كانت معذبة. فعلى ما يظهر ليس كل طفل في العالم يولد بعد 9 اشهر من الحبس الخانق في الرحم ليذهب الى القماط مباشرةً في محاولة واضحة لتهيئته مبكرا لحياة حافلة بالاصفاد. وليس كل طفل يفطم على المر والعلقم او يقضي معظم وقته في محاولة البقاء حيا بين النزلات المعوية والكارشوات ونوبات التسمم بالقاز والبوطاس والاشيدو المموهه في شكل علب الطعام.

وليس كل طفل يُعْلم بانه شيطان بمجرد وصوله الى سن المشي وبانه جحش بعيد وصوله الي سن الكلام او يحصل على لقب سطل عندما يبدأ في تعلم الحساب ("مش هكي يا سطل" كانت العبارة التشجيعيه المفضلة لاستاذنا في الصف الثاني) او لقب ثور عندما يلعب مع اولاد الجيران او لقب حلوف اذا ما اظهر اي رغبة في مخاطبة احدى بناتهم.

واخيرا ليس كل طفل يقال له ان "البصيص في بلاد العميان طرفه" اذا ما تفوق في امتحان؛ هذا بالحرف الواحد ما قاله احد اقاربي عندما عدت مبتهجا لانني نجحت الاول على المدرسة في الصف الثاني.

وبعد ان رايت كيف يعامل الأطفال في الغرب فكرت في ان اذهب الي كل مكان مرتديًا قميصا كتب عليه "Whatever I do is good enough" او بالليبي "اللي تجي مني باهية".

اتمني ان نوفد الاطفال الي الخارج بدلا من ايفاد البالغين الذين فاتهم القطار وان ننفق نصف اي ميزانية على صحة وتعليم الاطفال وفتح افاقهم لان ذلك افضل استثمار ممكن. فقط تخيل وضعنا لو ان لخ القايد لم ينشآ محروما ومهمشا. وحتى نخرّج ذلك الجيل يجب ان نضع شعار "اللي تجي منا باهية" علي العلم الوطني (انظر الشكل المقترح ادناه) وكل بوابات الجمارك.