صلاح الفاخرى

عن الثورات

معظم الثورات الشعبية تفشل علي الاقل علي المدى القريب. الثورة الفرنسية ضد الملك لويس السادس عشر ادت الي اختراع المقصلة وحروب نابليون وعودة الملكية. الثورة الروسية ادت الي البلشفية والمجاعات ومجازر ستالين. الثورة الايرانية الي حكومة الفقهاء ومجازر الخميني وهزائم متتالية. ولا يجب ان نشعر بالدهشة من ذلك فمثلما ان انفجارا شديدا في محرك سيارتك نادرا ما يحوله الى محرك فيراري ثورتك الشعبية بعنفها وفوضاها نادرا ما تنتج بلدا يحن ويرن.

فما هي منافع الثورات اذن؟ في رأيي هي نفس منافع كل انفجار.

اولها التنفيس المؤقت. فالثورات تتولد من تراكم ضغوطات إجتماعية وسياسية ناتجة عن تسلط رجل او طبقة الى حد اقصاء أغلبية الشعب الذي يشعر بانه لا مجال لإحداث اي تغيير حقيقي بدون تقربيع الوضع الراهن على مبدأ وين ما تطب تطب. وبالرغم من التفاؤل والشعور بالفخر والاعتزاز الذي تولده الثورة سرعان ما تتضح صورة محبطة وهي ان التركيبة الجديدة بعد الانفجار نادرا ما تؤدي الى حلول عملية ودائمة لمشاكل المجتمع. لكن على الاقل الثورة تشتري بعض الوقت لمن يرغبون في الاصلاح بشرط ان لا يحصل تراكم سريع لنفس الضغوطات مؤديا الى ثورة جديدة.

ثانيها مثل الانفجارات، الثورات تزيل او على الاقل تضعف بعض ركائز التسلط سواءً كانت دينية (ملوك اوربا كانوا يبررون سلطتهم بانها من الله) او اجتماعية (كسيطرة طبقة او قبيلة) او اقتصادية (كتركز المال في ايادي القلة). ونتائج هذه التغيرات قد تستغرق جيلا او جيلين لتظهر بوضوح فافكار الثورة الفرنسية مثلا لم تنتج الجمهورية الفرنسية الحالية فحسب بل غيرت التفكير السياسي الحديث.

واخرها ان عنف ودموية وفشل الثورة قد يقنع المتسلطين والمنتفعين بعدم جدوى القمع وبضرورة تجنب ثورة أخرى ربما عن طريق إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية كما يحاول بعض الحكام العرب الان. فليس هناك اقوى من صورة خازرق فى المؤخرة فى التذكير بمصير من يستهين بغضب شعبه.

الحصيل الثورات لا تبني الدول لكنها قد تخلق الظروف التى تسمح ببناء دولة مستقرة ومزدهرة. الدول لا يبنيها سوى العمل الدؤوب والمخلص لقلة تمتلك الرؤية والحنكة السياسية والادارية والرغبة المخلصة في خدمة بلدهم. فاذا افتقد امثال هؤلاء فلن تنفع الثورات حتى ولو كانت بمعدل ثورة كل جيل كما حو حال مصر.