صلاح الفاخرى

عن التلفزيون

في الثمانينات كان التلفزيون الليبي أسوأ اذاعة في العالم على الاطلاق. الدليل ان اعمق برامجه مغزى وفكرا كان برنامج اطفال عن نحلتين (زينه ونحول) هربا من الخلية (بنظامها الملكي المتعفن) ليكتشفا العالم. كل يوم كانت نشرة الانباء تبدأ باعادة للمرة الالف لحكم من الكتاب الاخضر مثل "ليس للديك الا منقار واحد وما اختلاف المناقير الا دليل على انها ليست ديوكا" وتنتهى بصور الفيضانات والزلازل والمصائب التي تضرب العالم كله الا ليبيا. اما بقية النشرة فكانت مجرد قائمة طويلة بكل من شرب شاهي مع قايد الثورة في ذلك اليوم.

اما الاعمال الدرامية الليبية فكانت من احد أهم اسباب الجلطة في تلك الفترة وعادة ما تتمثل في قصة تافهة ونص ساذج تم تمطيطه على مدى ثلاثين حلقة. كل حلقة تبدأ باغنية المقدمة وقائمة طويلة باسماء كل من تصادف وجوده خلال تصوير التمثيلية. اذكر ان احدي هذه التمثيليات كان دراما بوليسية عن جريمة وكان واضحا من هو مرتكبها منذ الحلقة الاولي لكن المحقق العبقري لم يكتشف ذلك الا في الحلقة العشرين عندما بدا المجرم يصرخ في وجهه قائلًا : "اني اقتلته اني ما نحباش اني قتلته بيديا هاذول". لتركز الكاميرا علي وجه المحقق والذي كان ينفرد ببط ليقول متباهيًا "واتوا شدينا راس الخيط"! لتنتهي الحلقة باعادة لقائمة كل من تصادف وجوده خلال التصوير. بقية البرامج كانت اغاني ثورية لمحمد حسن او اهزوجات حماسية عن ضرورة الالتحاق بالجيش علي وجه السرعة.

اثار التلفزيون الليبي كانت كارثية واسهمت في تجهيل المواطن وتدمير الذوق العام. سامح الله كل المسئولين عن الإذاعة الليبية فى تلك الفترة غير انى مازلت احلم ان يجدوا انفسهم ذات يوم في واحة معزولة لاتوجد بها اي وسيلة تسلية غير أشرطة برامج الاذاعة التى انتجوها.