صلاح الفاخرى

عن الايدلوجيات والاحذية الرياضية

المعلق الرياضي الشهير محمد بالراس علي مرةً قال عن لاعب كرة غيّر حذاءيه لانه لم يكن راضيا عن ادائه فى المباراة: "الخلل في الاقدام وليس في الاحذية". وهذا ينطبق على كل محاولات العرب خلال القرنين الماضيين للحاق بركب بقية العالم عن طريق التغيير المستمر للايدلوجيا الحاكمة.

فالقوميون والاشتراكيون اعطونا صدام والاسد وعبدالناصر والاخ القايد والنكبة وضياع غزة والضفة الغربية و افلاس مصر وعشرات الحروب التي انتهت كلها بهزيمتنا الخ

والإسلاميون علي تعدد مذاهبهم ورغم قلة الفرص اعطونا التكفير والتشرذم وتغييب نصف المجتمع والتفجيرات الانتحارية وقطع الاعناق وداعش ودمار الموصل والجمود الفكري الخ

الجهويون والقبليون والطائفيون اعطونا حكم الاسرة والفرقة والاختلاف ودمار اليمن وسوريا ولبنان والفساد المالي والشلل السياسي والإداري الخ

الليبراليون والرأسماليون لم يعطونا شيئا وليس بمقدرهم ان يعطوا شيئًا لانهم لا يحكوا ولا يصكوا ولا توجد لهم قاعدة شعبية ولا حجم سياسي.

فما نفع الايدلوجيات اذن؟ في الوطن العربي: انها وسيلة لتهميش وتصفية الحساب مع من تختلف مصلحتهم عن مصلحتنا عن طريق وصفهم بانهم كفار او رجعيون او شيوعيون او علمانيون او زنادقة الخ. حتى بين اصحاب الايدلوجيا الواحدة مثل الإسلاميين تتوالى الانشطارات لتنتج طوائف متحاربة كل منها يصيح بالاخر: "قتلانا في الجنة وقتلاكم فى النار".

فما سر فشل الايدلوجيات في إحداث اي تغيير حقيقي لمصلحة الشعوب العربية؟ الايديولوجيا هي مجرد منظومة من الافكار والمبادئ الغير متناقضة التي توجَّه ممارسات الفرد ومن ثم المجتمع. والمواطن العربي لا يحب ان يكون رهينة لاي افكار او مبادئ. نريد القدرة على تغيير وجهة نظرنا حسب الظروف. فانا ليبرالي عندما ارغب في مصادقة اختك واصولي محافظ عندما ترغب في مصادقة اختي. اشتراكي اذا ما جاء وقت تسديد فواتير العلاج والتعليم والكهرباء ورأسمالي اذا ما جاء وقت تسديد فواتير الضرائب. قومي ووطني اذا ما كنت في منطقتك واقليمي وجهوي اذا ما كنت أنت في منطقتنا. متشبث بنص القانون اذا وقع الضرر علي ومتذمر من البيروقراطية وحرفية تفسير القوانين اذا اوقعتُ الضرر بك. داعية الى حقوق الانسان والتسامح والتصالح اذا كنت في في ثياب السجن والي "هضوما ما يجوش الا بالعصا" اذا ما خلعتها. وكلنا يؤمن بحرية التعبير ما دام كل تعبير لا يختلف عن قناعاتنا.

وبالطبع كل ذلك مُبررٌ بكلام الله سبحانه وتعالى لاننا كما قال احد اعيان بنغازي نحن المسلمون أحسن أمة أخرجت للناس والكل يعرف ان العرب هم احسن المسلمين والليبيين هم احسن العرب وقبيلتنا هم أحسن الليبيين وعايلتي هي احسن ما في قبيلتي وأنا احسن واحد في عايلتي ومنو انت بيش تجادل في كلام ربي. العالم كله خلق على مقاسي، وافكارى هي الحل لكل مشاكله و كل الفشل والهزائم والنكسات التى نتجت عن تطبيق افكارى هي نتيجة مؤمرات داخلية وخارجية من قبل الانبطاحيين والرجعيين والزنادقة والكفار والصوفيين والعلمانيين والشيوعيين والبورجوازيين والصهيومسيحيين والمستشرقين والمستغربين والمستعربين والميكافييلين والمنتفعين و المتضررين والنباتيين الخ ولا علاقة لذلك بعباطة افكارى.

اذا ما رأيت نفسك في الوصف اعلاه فلأ تأخذ على خاطرك ودعني اوكد لك ان هذا الوصف لا ينطبق علي او عليك لكنه ينطبق بدقة على كل العرب الآخرين.