صلاح الفاخرى

عن سوء الحظ

يُقال ان الجمل ضحك في عمره مرة فانشق شاربه.مثل حيواننا الثديي المفضل 'الجمل' نحن شعب سئ الحظ. وهذه مشكلة كبيرة لان اي قراءة للتاريخ تثبت ان الحظ يلعب دورا في تقرير مصير الشعوب اكبر من اي عامل اخر: فقط تخيل حال ليبيا لو ان معمر وُلِد انثى اسمها خدوجة او امشوهنة!

وامثلة سوء طالع الليبيين كثيرة منها ان ليبيا على عكس كل دول المنطقة استعمرها الايطاليون اكثر الشعوب الاوربية تخلفا واقلها حظا وانه بعد الغزو الايطالي بقليل وصل الفاشيون بقيادة موسوليني الى الحكم واصبحت الحياة لاتطاق في ايطاليا ومستعمراتها حتى للايطاليين انفسهم. ولما ورط موسوليني بلده في الحرب العالمية الثانية اصبحت ليبيا مسرحًا لاحد افظع فصول الحرب واقلها جدوى الى درجة انه لما انتهت الحرب اعطيت ليبيا استقلالها بسرعة لانها كانت افقر دول العالم ولم ترغب اى دولة استعمارية فى اعمارها. حتى اكتشاف النفط كان نحسا علينا لانه بمجرد ان بدأت عوائده في التدفق رزقنا الله بموسوليني اخر بالكاد تجاوز سن المراهقة لتمكنه اموال النفط من تجريب كل فكرة خطرت على باله على الليبيين من الشيوعية الحمراء الى الرأسمالية السوداء مرورا بجمهرة المواقع والشعب المسلح والتصفيات الجسدية والعشر دجاجات وديك الخ. ولما سقط نظامه اخيرا ترك وراءه أسلحة وأحقادا وفوضى تكفي لكي يستمر الليبيون في التناحر الي ان تضيع أخر فرصة لاستثمار النفط والذى بدأ العالم كله في التخلص من الاعتماد عليه الامر الذى اقنع حتى أكثر المدمنين على عوائد النفط —كالسعوديين مثلا — بضرورة البحث عن مصادر دخل بديلة. باختصار سوء الحظ يلازمنا والموضوع ليس مجرد عين وطارت!

انا لا أقول اننا واخرون لا نتحمل اي مسؤولية عما حصل لنا ولا ادعو الى الاستسلام الكامل لعشوائية الحظ الأعمى. فقط اننا يجب ان ندرك اننا سكرونيات وأنه يجب ان نكون اكثر حذرا في كل ما نفعله (وانا اتكلم من تجربة شخصية كسكرونية مزمن )وان نقلل بقدر الامكان من الثورات والحروب واي تغييرات كبيرة ومفاجئة — "الهون معاه العون" كما كانت دائمًا تنصحك والدتك الكريمة. كل املي ان يتغير حظنا يومًا ما وان يعطينا الزمن فرصة نصف عادلة لكي نختط دربا مختلفا لبلدنا التعيس.