صلاح الفاخرى

قصة حقيقية

خلال دورة اعادة تأهيل وتثوير في يناير 1999 اذكر اننا كنا مقيمين في ضيافة انفرادية في روفودجوا منشأة الاخضر للالوان عندما لاحظت ان اسماء معظم الضيوف كانت بوسيف او تنويعات على بوسيف مثل سفيان، يوسف، سيف الدين الخ وكانوا كلهم من نفس القبيلة. وخلال ايام تبين السبب حينما جاء احد الحراس (كان كمعظم زملائه فني الوان في الصبح وسجان بعد الظهر) الى غرفتي ليطلب مني ان اذهب معه لفحص نزيل جديد والذي يبدو انه "يحس في بطنه".

لم يمكنني الرفض لعدة اسباب منها طبعا قسم بوقراطو المهني وعلمي بانه كل من في الروفودجو مطلوب في طرابلس وبالتالي لا يمكن نقله الي المستشفي الا باذن من طرابلس وذلك قد يستغرق اياما (بناءا علي تجربتي الشخصية لانني كنت ما زلت انتظر الاذن رغم ان نبضي كان احيانا اعلي من 200 نتيجة الرجفان الاذيني ونقص العلاج: حبوب السوتولول). المهم دخلت غرفة النزيل الجديد ولاحظت مباشرةً انه قد ملأ الغرفة الصغيرة بجهامته الضخمة (اكتشفت لاحقا انه كان بطل ليبيا في رفع الاثقال او حاجة سخطة مثل ذلك). كان يتلوى من الالم وبعد فحص سريع اخبرت السجان انه يجب نقله فورا الى مستشفى الجلاء لانه ممكن ان يموت من الزائدة الدودية. وبعد قليل جاء السجان مجددا ليطلب مني مراقبة النزيل المريض لحين وصول الاذن من طرابلس.

لم يمكنني الرفض رغم علمي بعدم جدوى طلبه لان السجان كان الان ممسكا بزنقرتي ويدفعني في استعجال الى غرفة النزيل المريض والذى اتضح ان اسمه كان بوسيف ومن نفس القبيلة(والذى من اجله تم القبض على كل المساجين الأخرين). وبالسؤال اتضح انه كان قريب زميلة من دفعتنا وكانت على حد علمى تعمل حينها في مستشفى الجلاء.

وعلى الفور خطرت علي احدى اغبى افكارى الكثيرة. اخرجت قزير قرطاس دخان (وسيلة الاتصال الوحيدة فى المنشأة) وكتبت له رسالة الى زميلتنا المسكينة طالبا ان ترسل لي السوتولول مع قريبها لما يرجع من عمليته فى المستشفى وارخت الرسالة ووقعتها ورأيته يضع رسالتى فى جيب معطف شتوي اخضر بحجم خيمة مطبخ عسكري كان يرتديه!

يبدو ان بوسيف كان مهما جدا لانه فى خلال ساعات جاؤا لنقله الى المستشفى. كما يبدوا ان بوسيف كان خطيرا جدا لانه رغم عملية الزايدة والحراسة المشددة قرر ان يغادر المستشفى بدون اذن مرتديا زي العمليات وحاملا معه كل ما يخصه وحتى الIV fluids كل شيء الا الكبوط الاخضر.

المهم قامت الدنيا ولم تقعد. وسجنوا كل حراسه (كانوا مازال في السجن لما اخلي صراحي فى أغسطس) وشددوا الاجراءات الامنية (وفق مبدأ غلق باب الحظيرة بعد فرار الحصان). اما العبدلله فقد الغوا طلبى للعلاج ووصفوا لى كبديل عددا من جلسات اليوغا والعلاج الطبيعي لمعرفة طبيعة علاقتى ببوسيف رغم انهم هم الذى عرفوني عليه ورغم انه فر من بين ايديهم وامام اعينهم فى تاكسي فى وضح النهار ودون مساعدة مني او من زميلتي والتي لم تكن تعمل في ذلك المستشفى.

فليسامحك الله يا بوسيف (وهو انا كنت ناقص على حد تعبير عادل امام) والرجاء الاتصال بى فور قرأة هذه القصة لانني اريد ان اعرف ان الكفوف الي كليناهن بسببك لم تضع هباء (مثل دم الشهداء).